تحت السماء الزرقاء الصافية ، اسلك الطريق الترابي الضيق الصاعد باتجاه صخرة جرداء فوق جبل حريم ، أعلى قمة جبلية في سلطنة عمان شمالي سلسلة جبال الحجر. انظر إلى الأسفل ، وسوف ترى مياه بحر العرب الفيروزية المتلألئة. ومع مركبتنا المكيفة من نوع هامر، وعلى مسافة سنتيمترات من حافة الطريق ، كان المشهد رائعا بحق ، ولكنه كان مخيفا أيضا.
إشاحة النظر باتجاه اليابسة لم يبدد مخاوفنا. لقد كان الطريق بالفعل شديد الانحدار. التركيز على سائق المركبة كان خيارا أكثر رعبا ، حيث كان دليلنا السياحي العماني الأنيق قد تعود على اصطحاب السياح إلى جبل حريم صعودا وهبوطا ، هذا الجبل شاهق الارتفاع ، والذي يصل ارتفاعه إلى 2087 مترا فوق مستوى سطح البحر. كان السائق وبكل ثقة ، يضع يدا واحدة على المقود. إن ذلك يأتي ضمن برنامج الرحلة الجبلية المفتوحة إلى شبه جزيرة مسندم ، والتي تقع في أقصى شمال البلاد وتطل على خليج هرمز، وتفصلها دولة الإمارات العربية المتحدة عن سلطنة عمان. لقد كانت هذه المنطقة ولفترة كبيرة من القرن الماضي معزولة عن العالم الخارجي.
منذ ستين عاما ، كتب المستكشف البريطاني ويلفريد ثيسيجر عن تجربته عندما شد رحاله خلسة إلى سلطنة عمان ، وكان أول الأوروبيين الذين يجرأون على السفر إلى بلد لم يكن الأجانب فيه موضع ترحيب. أما اليوم فان السياح لديهم مطلق الحرية في التنقل والسفر إلى أي مكان يرغبون في زيارته. الطرق التي شقتها خدمات هندسة قوات السلطان المسلحة تأخذ طريقها الملتوي إلى أعلى صخور الحجر الجيري وتؤدي إلى مدينة خصب، وهي ميناء ومركز صناعي سياحي صغير. وفي الوقت الذي انغمست فيه دبي وأبوظبي اللتان تعدان أشهر إماراتي دولة الإمارات العربية المتحدة في المدنية الحديثة وعانت لاحقا من الديون والركود العقاري ، فإنه وقياسا بوضع دبي، فإن سلطنة عمان تنطلق إلى الأمام بكثير من الحرص. وحتى الآن، فإن القطاع الفندقي يتمثل أساسا في عدد قليل من الفنادق الفارهة الفخمة في مسقط أو قريبا منها ، وبعض أماكن السكن المتناثرة في المناطق النائية التي يصنف بعضها فاخرا ، والبعض الآخر أقل من ذلك. إلا أن هذا على وشك التغيير ، حيث أعلنت سلطنة عمان في الربيع الماضي عن استثمار 15 بليون دولار لإنشاء 10 منتجعات سياحية جديدة. وبدلا من الواجهات الأنيقة والجدران الزجاجية للفنادق في دبي ، فإن السياحة العمانية ترتكز على الطبيعة والتاريخ. 
في مسندم حيث الجبال الشاهقة وآثار المقابر التي تعود إلى ما قبل التاريخ ، وكذلك حفريات اكتشفت للإنسان يصل عمرها إلى آلاف السنين ، مضافا إلى ذلك الجمال الاستثنائي لخلجانها البحرية فان ذلك كله بالتالي ، كفيل بجذب السياح من كل حدب وصوب. السلاحف والدلافين وحتى الحيتان تتجمع في المياه الكرستالية الصافية
تتقافز الدلافين من حول قاربنا الصغير ، وللأسف وعند التفكير في السباحة ، فقد ظهرت مجموعة كبيرة من قناديل البحر بألوانها الوردية والأرجوانية الشفافة بمختلف الأشكال والأحجام ، وكانت كلها مجهزة بزوائد لاسعة. قال لنا دليلنا في القارب وكان ذلك في أواخر شهر مارس الماضي عندما كنا هناك ، بأن ظهورها غير متوقع في هذا الوقت المبكر من العام. ومع القليل من الارتياح والكثير من الحذر، فقد توجه البعض للسباحة على أية حال. في الفترة القصيرة التي قمت فيها بالسباحة كانت المياه هادئة والتجربة رائعة للغاية.
للوصول إلى مسندم يمكن للزوار القيادة من دبي في رحلة تصل إلى ثلاث ساعات ، أو السفر على متن الطائرة من مسقط . القيادة مذهلة مع رؤية الجروف الصخرية الشاهقة والمياه التي تبعد بضعة أمتارعن الطريق . أيضا هناك بديل آخر للوصول من مسقط باستخدام عبارة سريعة مرتين في الأسبوع. ومع ذلك ، فان السفر البري ومشاهدة تدرج تغير ألوان منحدرات الجبال في كل ساعة تعتبر بانوراما جميلة ومذهلة.
عند المشاهدة من البحر، فإن خصب مثلها في ذلك مثل معظم القرى العمانية الساحلية الجميلة تميل مبانيها البيضاء أو الصفراء بلون الرمال لتمتزج ألوانها مع خلفية الطبيعة الرائعة ، ولا يمكن بالتالي تمييزها عن المرتفعات الصخرية . أما على اليابسة ، فإن هناك العديد من المناطق التي تستحق الزيارة مثل مشاهدة نقوش ما قبل التاريخ في أودية مسندم ، وقلعة خصب التي بنيت قبل 400 عام.
رحلات بحرية بالسفن الشراعية التقليدية لمدة يوم أونصف يوم يمكن تنظيمها للسياح من خصب في محافظة مسندم شمال عُمانمنذ زمن ليس بالبعيد ، كان الصيادون يتسابقون للوصول إلى السفن التي تشق عباب البحرعبر المضيق لبيع صيدهم من الأسماك في مقابل الحصول على الغذاء والكساء. تعتبر مسندم موطنا لقبيلة الشحوح والذي يعتقد أنهم السكان الأصليون في المنطقة العربية ، وذلك على الرغم من غموض أصولهم العرقية.
لقد توقفت عند جزيرة التلغراف التي كانت بمثابة قاعدة للفنيين البريطانيين في عام 1860 ، والذين وضعوا بدورهم كابل تلغراف تحت الماء لربط الهند بالبصرة في العراق. لقد تم إنشاء معسكرهم بعيدا حول منعطف في خليج بحريأفضت بنا الرحلة الجبلية إلى عالم آخر، حيث شاهدنا كهفا حجريا متعمقا في الصخور في مواجهة مقابر تعود إلى حقبة ما قبل الإسلام. في منتصف الطريق إلى جبل حريم ، شاهدنا أيضا واحة وكأنها ظهرت لنا بفعل السحر، حيث لم نكن نتوقع مصادفتها. في هذه القرية الصغيرة تنتشر الحقول الخضراء من القمح واشجار النخيل ، يحيط بها منازل وجدران حجرية يرعى في حرمها الماعز والحيواناتقبل عودتنا مرة أخرى من على سفح الجبل ، شاهدنا أحد أروع المناظر في العالم ، والمتمثل في فتحة مذهلة بين الصخور يمكن من خلالها مشاهدة سلسلة جبال الحجر التي تمتد إلى ما لا نهاية وتنساب إليها أشعة غروب الشمس الحمراء
